حان الوقت للرد على كل القبح الإسرائيلي، وهذه الحكومة المتطرفة، ووضع حد لتصرفاتها المستمرة، وهذه الحالة من التعالي، التي وصلت إلى تصريحات علنية مثل تلك الصادرة عن صغار في الدبلوماسية الإسرائيلية، مثلما قال "يحيئيل لايتر" سفير تل أبيب في واشنطن، "أننا ندرك أن الجميع سيتجاوزون مرحلة الانتقادات لإسرائيل في المستقبل القريب".
بل وصل الأمر من رئيس الحكومة المتطرفة في تل أبيب "نتنياهو"، أن يتطاول على الجميع ويعلن في كل مكان عن أطماعه في إسرائيل الكبرى، ثم يحاول إبعاد الأنظار عن جريمته في الهجوم على الدوحة، بإثارة ملف استضافة قطر لقادة حماس، والتي كان يتعاون معها قبل أحداث 7 أكتوبر 2023، بالسماح للمساعدات المالية القطرية في الوصول لحكومة حماس في غزة.
وتترقب الشعوب العربية بل كل العالم القمة العربية والإسلامية المنتظرة يومي الأحد والإثنين المقبلين في قطر، وما سينتج عنها، والتي تضع كل الأنظمة عربية كانت أو إسلامية، تحت الاختبار، والتعامل مع حدث هو الأسوأ من بين الانتهاكات الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة.
الأمر ليس مجرد الدفاع عن قطر، وحجم ما تعرضت له من هجوم، مخطط له بدقة، ويستهدف سيادة قطر، وليس مجرد اغتيال الوفد المفاوض لحركة حماس، والذي تستضيفه الحكومة القطرية منذ سنوات، بل يتخطى الأمر أكثر من ذلك، وهو الدفاع عن سيادة أمة ومواجهة عدو متبجح، يدعي أنه لن يتوقف عن تحقيق أهدافه.
الشعوب تنتظر من قمة قطر، أفعالا ورسائل للعالم، ولإسرائيل، وبإعلان أساليب حتى لو كانت لمجرد الترهيب بصفقات أسلحة بمئات المليارات من الدولارات، لم تتم من أجل الفخر والتجميل، بل للردع والدفاع حال اقتضت الضرورة.
قد تكون الكلمات الصادرة من كل الأطراف، ومنها الطرف القطري مطمئنة، ولكنها تصب في خانة "ما تطلبه قطر" سيتم مساندته، فماذا سيكون طلب قطر؟ .. ننتظر.
وكلمات رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بأن قطر تبحث مع الشركاء بالمنطقة الرد الأنسب على الهجوم الإسرائيلي على الدوحة"، يجب أن تكون تم بلورتها، على المستوى السياسي.، وبما يلبى طموح الشعوب قبل الساسة.
توصيف ما فعلته إسرائيل على لسان رئيس الوزراء القطري، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، الأربعاء 10 سبتمبر، بأن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة هو "إرهاب دولي"، تعبير مهم، يقتضي رد فعل عربي وإسلامي يوازي حجم الغضب الذي عبر عنه الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بقوله "ليست لدي كلمات للتعبير عن مدى غضبنا من هذا الفعل.، هذا هو إرهاب، لقد تمت خيانتنا"، فما بالكم بالغضب الشعبي.
ولابد أن نأخذ بعين الاعتبار أنه ليس واقعياً أن العلاقة مع الولايات المتحدة، تستند إلى مفهوم التحالفات، بل الحقيقة المرة، هي أن واشنطن لا أمان لها، فالميزان في العلاقات لصالح الكيان المحتل، والتحليل الموضوعي لهجوم 9 سبتمبر، لم يتم إلا بضوء أخضر من واشطن، وهناك كذبة كبرى اسمها (الصديق الأمريكي).
ولنرجع لتصريحات مسؤولين أمريكيين في هذا الشأن، منهم (سكوت ريتر) المفتش الأمريكي السابق لأسلحة الدمار الشامل، والذي قال صراحة "قطر وكل الشرق الأسط ليسوا حلفاء للولايات المتحدة، بل استخدم تعبيرا سيئا عن قطر والسعودية والإمارات والأردن، بقوله " إنهم ليسوا حلفاء، وأمريكا ليست حليفاً، ولا تملك حلفاء، بل قطر يمكن إنهاء وجودها إذا غضبت أمريكا"، فهل هناك فجور أكثر من ذلك.
هذا يقتضي العودة إلى التحالف العربي الدفاعي، فهو الكفيل بحماية الدول العربية، لا بالتحالف مع عدو متربص بالجميع ومنحاز لكل ما صهيوني إسرائيلي، والتطبيع مع خائن، لا عهد له، ولا تخرج عن كونها عصابات تؤمن بالقتل والإرهاب، ولا تؤمن إلا بالتطرف والعنصرية.
كل المواقف تؤكد أنه لا أمل في علاقات مع عصابة يعلن زعيمها الإرهابي، تهديدات على الملأ للجميع، وآخرها تهديده لقطر بقوله "إما أن تطردوا حماس أو تقدمونهم للعدالة، وإذا لم تفعلوا، فسوف نفعل نحن ذلك"، وهو ما يمثل تهديداً للجميع، وخصوصاً منطقة الخليج، والتي دخلت بؤرة الخطر أسرع مما كان متوقعاً، عبر سياسة القبح الصهيوني.
قمة الدوحة المرتقبة بحاجة إلى فتح كل الملفات مع العدو الصهيوني، وتقييم كل العلاقات معها، وخصوصا مع بنيامين نتنياهو، بإضافة ملفات لتقديمه للعدالة، باعتباره عدو أي سلام واستقرار ليس في المنطقة، بل في العالم، ولا يجب أن تخضع الأطراف العربية للضغوط والمناورات الأمريكية وغيرها.
------------------------------------
بقلم: محمود الحضري